Tuesday, June 24, 2008

لعنة الاختيار .. أم ، اختيار اللعنة



الـكتـابـة بـدونـك ،

كـالـحـب الـعـنـيـف ..

لا شـغـف فـيـه ، و لا لـذة


***

Thursday, June 19, 2008

حـــقــــيــــقـــة الإرث


يسكنني بطرقه العديدة في مفاجأة هؤلاء الذين يحب .

دائم الغياب هو . و هو ما يؤكد لي أن أفعالي و شطحاتي و نطحاتي ، على اختلاف طرق ظهورها و تذبذب قوة حضورها ، لا تصل بيني و بينه . و إنما دائماً هي مكتسبة من أشخاص آخرون ، و غالباً ما يكونوا غرباء عني .. و بالتالي غرباء عنه . و رغم ذلك ألفتي لها لم تكن عسيرة .

***

دائماً ما أُكـَلـَّفُ بمهام الأوقات الضيقة ، و يقال عني حسنة التصرُّف في الحالات الطارئة . لا أفسح للتأثر كثيراً من الوقت .ابتسم كأني أسعد بما يقال . لكني أفهمُ جيداً أن كل ذلك يتوقف على ما يشغلنِ هذه الأوقات . و ما إن كانت هذه المهام تفوق المـُتـَبـَقـي من طاقتي .. أو لا .


المهمة هي الخروج سريعاً و الحصول على عشرين متراً من الحبال لوضعه في شقة شقيقتي الكـُبرى التي أوشكت على الزواج . و محدودة هي الدقائق التي أمامي . و محدودة أيضاً هي الجنيهات التي بحوذتي .
و في الحي الذي لا أعلمه ، أمدُ الخطى في الطرقات أسألُ الحراس ، و يرسلنِ كل منهم لطريق مختلفة . أدور في دوائر ، لكن أصل في النهاية . أشترِ الحبال المطلوبة ، بل و أختار لونها أيضاً ليناسب دهان الحوائط . و أنا أحاسب البائع ، تراءت لي هيئة شقيقتي الأخرى و قد أنهكها العمل في البيت ، و احتقن وجهها إثر الصهد و الرطوبة . فأشتري زجاجتين مياة مثلجتين . و كان علي توَّخي الحذر قبل أن أشترِ لها شيئاً تأكله ؛ لسيرها على حِمية قاسية أخرى . فاشتريتُ عبوة حلوى واحدة لأتقاسمها معها ، و اخرى من النوع الذي لا نحبه ، لتكن من نصيب أمي .
و أسلك طريق العودة ..
و أتذكر ان هؤلاء العاملين بالبيت ، آجلاً أم عاجلاً ، سيصيبهم الجوع . فأذهب لمحل و الفلافل و أشتري ما يكفي لاثنين . و أسرع عائدة ..

داهمتنِ الدقائق .. و الجنيهات .

أعبر الطريق ، ينقطع كيس زجاجات المياه . و تتساقط على الأسفلت . أنحني لواحدة منهما ، لكن الأخرى تتدحرج بعيداً قليلاً ، و العربة تأتِ سريعاً من أول الطريق . فرَكـَلـتُ الزجاجة كي تعبر السيارة من فوقها دون خسائر .
و أجري ألتقطها ، و أصعد للشقة .أجمع الأكياس في يد واحدة ، و بالأخرى أُخرِج المفتاح ، و أدخل .

***

أمي واقفة في وسط البهو الخالي ، تسعد لأن توكيلي بالمهمة كان مـُجـدياً . و تنظر لباقي الأكياس و زجاجات المياه التي أحتضن ، و تقول : " زي أبوكي يا بت ! دايماً تدخلي عليا ب كياس !" .

يأكل و يرتوي العمال ، و تأكل أمي حلوى النعناع ذهاباً و إياباً . أجلس على الأرض و أسندُ ظهري على الحائط ، أستحلبُ حلوى الفراولة . و اهديتُ إليه ابتسامة طويلة .

صباح الخير يا بابي -


Sunday, June 8, 2008

وداعـــــاً بـــونـــابـــرت


لكل هذه الأسباب ، كان على طاهر أن يتركني .
لأنني أعلم دائماً متى يكون التفوه بالحماقات مؤلماً . و أعلم كيف أسندُ كل المشكلات على سوء طباعه ، لا على سوء تصرفي .. و لأنني لا أعلم أشياء كثيرة عن المسببات الحقيقية للمشكلات .

لذلك كان عليَّ أن أتعلم كيف تكون المعاملة . و كان هو واقفاً هناك ..

و بالنسبة لي ، كل هذه أنصاف أسباب باقيها يرقد في عقله هناك . لأنني لا أرى سبباً وحيداً كاملاً وراء رحيله سوى أنني تم الاستغناء عني .

***

كان عليه أن يتركني لأنني لا أعلم كيف أشعره برجولته ، كما يشعرني هو بأنوثتي . و حين سألته عن ماهية الرجولة ، كان يظنني ألعب حيلة أخرى لأشعره بدونية ما .
و هكذا علمتُ أنني لن أعود هذه المرة ، كما فعلتُ المرة الماضية ..

و ماذا أقول ؟
ماذا أقول في لحظات كنتُ أرتبُ فيها أغراضي ، و عقلي يعج بالكلمات ، و قلبي يضخ "نعم" طويلة ، و بيدي أضغط عليه بـ"لا" . و حين يصطدم مرفقي بمكان ما ، تتساقط أوراق وردة كان أهداني إياها فيما مضى ، ينخلع قلبي ، و أخرُّ في بكاء مكتوم ... كي لا أوقظ النائمين في الغرفة الأخرى .

ماذا أقول فيه الآن و هو ، و بعد طول مدتنا ، لم يعلم أن الرجولة لي لا تكمن في شيء ، كما تكمن في الأمان . و اليقين من بقاء الشريك . بقاءه رغم المشكلات .

و كنتُ واضحة من البداية ...
و أنك لم تشعرني يوماً بالأمان .

و أنت؟؟
هل كنتَ تعتبرها إهانة لرجولتك كل مرة أبوح لك فيها بأنني أخشى ما قد تفعله بي .. ولا أطمئن .
ماذا أقول فيك الآن و أنت لم تترك فرصة تمضي تحت يدك دون أن تـُزيدَ فيها من مخاوفي .

***

أحبني . أعلم ..
قد لا يحبني أحد مثله

تغضب مني حين استهين بك . و أنا أتساءل .. لماذا لم تأتِ مرة تخبرني فيها ما تعنيه كلمة امرأة بالنسبة لك .. أتراك لا تعلم؟
ألا تعلم أن امرأة قد تفضل العيش مع "رجل" يشعرها بالأمان ، على الحياة مع "رجل آخر" مثلك ؟؟ يرى النقيصة في بكاؤه أمامها مرات ، و يستند في حديثه لاحقاً أنها فقدت احترامها له منذها .

ربما ..
كان بالأحرى عليها أيضاً ألا تراه يعرق ، أو جائعاً ..

ماذا أقول في ثمرة تفاح كانت من نصيبك ، لكن كان مصيرها كف أحد جياع جوانب الطرقات ، لأنك وضعتها مجدداً في يدي لغضبك من شيئاً آخر . أسميه مزاح ثقيل ، جاء على جرح قديم .. و انقضى أمره

***
كنت أتمنى لو جئتَ يوماً في المعمعة و قلتها لي " بيني و بينك أحزان و تمضي" . دائماً كانت تـُقال .. أو تـُكتـَب .. أو تـُستشعر بالشكل الآخر . "بيني و بينك أيام ، و انقضت "

و رغم ذلك . تأتِ في طريقي قدريات أخرى . تختم بحروق على اصابعي . و في التوقيت المناسب ، لا تمكنني من نزع خاتمك من اصبعي فأمتنع . و أنتظر ضمور الحروق ... و حين تنقضي المدة ، أجدني غير قادرة بعد . فانتظر عدة أيام ، لعلك تتصل . ولا تفعل .

فأستمر في امتناعي عن خلع الخاتم ، و أفكر .. لعلي أصابُ بحروق جديدة .

***

و في أزمة كالتي كنتُ أمرُ بها ، كان عليَّ التصرِّف سريعاً قبل حلول عيد مولدك . كان علي النزول لأحد الأسواق ، و التخلي عن غرض من أغراضي ، و شراء شيئاً آخر ، من سوق آخر . قبل فراقنا بيومين ..

ماذا أقول في فاتورة لعينة تقول " لا يمكن استبدال أو اعادة البضاعة المـُباعة بعد خمسة أيام من تاريخ الشراء " . أضحك .

كان علي أن انتظر ثلاثة أيام ، كإعطاء القدر فرصة أخيرة لاعادة النظر فيما هو كائن .
صمت هاتفي - كبسولة ضد الإحباط ابتلعها . و تأخذ صديقتي بذراعي عودة للسوق الآخر ، و إعادة البضاعة المُشتراه . و الذهاب للسوق الأول في محاولة لاسترجاع ما تم بيعه .

في استسلام ، أتقبل فشل المحاولة . و في طريق العودة ، عبثتُ برسغي و أنا أبوح لصديقتي أنها أخطاءي الصغيرة الكثيرة هي ما تحف طريقي الآن ، أحصد ثمارها و أدفع ضريبتها في اسواق كبيرة .. ليربح بها أكثر من تاجر .

لكنني بعت اكثر من ذلك ، و فعلت ما يفوق البيع خسارة ... لقد راهنتُ بعمر كل ما هو بعد ، و بدموعي القديمة ؛ في سوقه . و كان لي النصيب الأكبر من الخسارة . لكنه تأثير الحماقات الصغيرة الكثيرة هي ما تأخذ بقلب امرأة تبحث عن الأمان مع رجل ، إلى طاولة مقامرة .. حيث لا يهم بم تراهن ، بل في اقتناص التوقيت المناسب .

و كان على صديقتي أن تربت على كفي ، و تقول أنني لستُ قوية كما كانت تعتقد ..

***

يقال أن نابوليون كان قصير القامة ، و كان يمارس الكثير من السلطات بشكل يعكس شعوره بنقص ما . مما نتج عنه فيما بعد اكتشاف عُقدة انسانية أخرى ، سميت باسمه . يصاب بها من يعانون من عيب ما جعلهم محط سخرية في فترة من فتراتهم .

لكن في واقع الأمر ، نابوليون لم يكن قصير القامة - كان ، بحكم سلطته -، بحاجة للتحرك بصحبة اثنان حراس في ظهره لحمايته ، و كانا دائماً من الحراس العمالقة . و بوقوفهما في ظهره باستمرار ، شعر هو بضآله حجمه ، و رأاه الناس بنفس الشكل .
فكان خروج عقدة نابوليون لنور علم النفس سره هواجس داخلية لأصحاب العقدة تشي بنقوصهم الوهمي . لكن إيمان اصحاب العقد بوجودها ، هو ما يجعلها حقيقة .

و طاهر ...
عانى من شيء ما فيما مضى ، تركه في ريبة مني ، و خوف من أن أتركه من أجل رجل آخر .
و كان ذلك يضحكني كثيراً ..
و كانت ضحكاتي تثير جدلاً لديه . يستقر في النهاية على أنني إما لا أعلم عما أتحدث ، أو أتعمِّد إهاتنه .. و في كلتا الحالتين ، جبينه المقطب - كبسولة ضد المشاحنات ابتلعها .

ابتسمُ كثيراً هذه الأيام حول فكرة ما ..
أن ما حدث هو أنه هو من تركني في النهاية / النهايتين ، و في المرتين من دون وجود فتاة أخرى .
ربما كان سيخفف عني قليلاً لو كان تركني من أجل فتاة أخرى ، عن أن يتركني و يتقبل حياته هكذا بدوني و بخواء مقعدي بالكامل ، مني أو من سواي .
فترجمتُ فكرة مضحكة كهذه ، لهواجس كثيرة حتماً تراوده الآن .

يثير البعض فيَّ الضحك ، و الشعور بالغثيان .
كتلك المرة التي ثرتَ عليِّ في الهاتف مشيراً لأنني توقفت عن قول "أحبك!"
أومئ بنعم و ابتسم و أنهي المكالمة على استعجال ، للذهاب و افراغ محتويات المعدة ...

أليست "أحبك" هي صكّ الحب؟
أليس حب كهذا هو ما بيننا؟؟

باعتبار هذا و ذاك ، فأنا في حِل من وعودي . كل وعودي ، حتى تلك التي كـُسـِرَت بالفعل .. لعلك تفهم ما اقصد !

***
طاهر ..
حين فقد القدرة على تصديق أقوالي ، كان بالأحرى عليه أن يملك قدرة أخرى على تخيُل كيف كان الاستمرار معه ، و مع تصديقي بأن المشكلات قد تتصاعد من العدم .. و يتم الفراق على يده ..

ماذا أقول فيه الآن بعد أن صارت أشياء كثيرة أكيدة ..
كتلك الصاعقة التي تمنى أن تصعقه إن ترك يدي مجدداً .

عليَّ أن أضحك من حين لآخر ، قبل أن تزل قدمي ، و أجد نفسي عنوة أخطو واثقة نحو الجنون ، أو ما هو أسوأ ... سواد الشيخوخة في سن العشرين..

أيضاً اليقين من عدم وحدتك بدوني ..
***

أجل ..
تمكنتُ أخيراً من تحسس أوجاعي جيداًُ و وضعتُ يدي على مايؤلمني أكثر من أي شيء آخر ..
و هو أنني أشعر بسهولة الاستغناء النهائي عني . و على مهل شعرت بأنني لا أستحق حتى الندم ..


زياد رحباني و سلمى غناها كاملة في جرامافوني * ..