Tuesday, September 16, 2008

صلوات لم يـُستـَجاب لها




الشموع المنطفأة ملأت أركان المعبد . صلوات لم يـُستجاب لها . المصلون يمارسون طقوس العبادة في فتور . تعرَّفتُ عليهم جميعاً . هؤلاء الذين لا يتعبدون فعلاً و لكنهم يختبرون الآلهة . و يتشككون في قدراتهم على الاستجابة . أو ربما السمع .

كلفتني ربة المعبد البهية ذات الجبهة العريضة الوضَّـاءة بمهمة التلصص على من يتهامسون حول الشموع في المعبد . طِرتُ فرحة بتلك الثقة ، ثم سألتها : ألا تستطيعين سماع كل ما يقال داخل جدران المعبد؟
رأيت عيناها تدوران في الهواء : لا أريد التلصص على رعايايا .. أعلم أنك تصلحين لهذا ..

ابتسمتُ ، و أنا أرى الكذب في أعين الإلهة . علمتُ أنني أستطيع أيضاً التفوق على الأرباب بكل ما لم أبرع في غيره . بالوضوح .

عاهدتُ نفسي على ألا أطعن الربَّـة الكاذبة في ظهرها . و رحتُ المعبد ..

حول المصلين رحتُ أتجوَّل . أتعلمون ماذا سمعت ؟

لا شيء ..

المصلون صامتون . مستيقظون شاردون .

لا شيء سوى همس خلف المحراب . و حين توجهت لجهة الصوت ، رأيتُ أنني اقتربتُ تماماً من البــِركة التي يعتقون بها زيت الياسمين في حضن المعبد . و حولها جلس الكهنة يتحدثون حول أن الإلهة لم تعد تزوِّدهم بالحور العذراوات . لكنهن حور مستهلكات من قِـبل كهنة آخرون لآلهة آخرون أعلى مرتبة ، و أكثر سرعة للاستجابة للصلوات .

كان من المتوقع ألا تصدقنِ الإلهة ، و تخوِّنني ، و تطردني من كـنـفـها الـبـهـي .. و أن تسلبني استجابتها لصلاتي الوحيدة .

لكن ، فوجئتُ بنفسي قادرة على البكاء بدون عبادة ، و رأيت العالم يذوب أمام دموعي .. و تذوقتُ لها الطعم الحلو . الطازج . و هـِمتُ بنفسي ، و بقدرتي على الصُـلـح .

ابتسمتُ لوجه الإلهة الغاضبة ، و رأيتُ أنني عليَّ من حين لآخر أن أحاوط نفسي بآلهة لا يستحقون العبادة .. كي أرى بنفسي استحقاقي للتقدير . بوضوح يتوسَّـد على قدرة زائفة على التخفي



"من قال أن الآلهة لا تحتاج لحظة بوح هي الأخرى ؟ و من قال أن قصص الآلهة أقل مأسوية من قصص البشر" *

***

* من مسرحية عشتار و تموز