منذ بدء عملي في جاليري علاء خالد ، للتُحف و المشغولات اليدوية ، و أنا صامتة . أقرأ . لا أنظر لأحد ، و لا يـُنظـَر لي البتة . أو هكذا كان الأمر في البداية ؛ كنتُ لا أنظر لأحد ، لكن أنظر كثيراً للأشياء حولي . أتعرَّف على مساحاتي ، و أُكيِّف المكان عليَّ أيضاً ...
أبعدتُ الفازات الطويلة عن منال أُرجوجة حقيبة يدي . قفزتُ بالمقعد و المكتب قفزة للأمام كي تتاح مساحة آمنة خلفي حين أتثاءبو اعقدُ ذراعيَّ من الخلف . و أبعدتُ الأشياء من على أحد جانبي المقعد ، كي يتاح لي الدخول خلف المكتب و الخروج من اتجاهين مختلفين . و كي تصير لي حرية الدوران بالكرسي ، ثـُلث دائرة لليمين ، ثـُلث دائرة لليسار .
في البدء كانت الأغراض ...
كل شيء ساكن و معتاد على أوضاع غير مألوفة
***
أوقات الصباح و الظهيرة ، المارة في الخارج يمرون بسرعة ، و يلتفتون للفاترينة ، و من بين الفازات و الأشياء المُدلاه ، ينظرون لي مباشرة في العين . ثم نظرة أخرى للأسفل.. باعجاب ربما ، ثم المضي في طريقهم .
ما اكتشفته بعد فترة قصيرة أن من يمر في الخارج وقت النه ار ، لا يرى سوى انعكاس صورته على زجاج الفاترينة !
وهكذا صرتُ أنتبه للناس ، و اقتنص تلك النظرات التي يرمقون بها أنفسهم لحظات مرورهم من أمامي .، تلحق بهم عيني و هم يمرون من أمام الباب . فأرى عليهم كل الأسى بمجرد تجاوزهم الفاترينة. و كأن مشوارهم لتوه قد بدأ .
تحول المقعد الدوار إلى مقعد المشاهد المثالي في صالة عرض صغيرة و حميمة .
رأيتُ أمتعة ... و أحمال
و الحمل كل ما يـِتـقـَل ، الضهر من تحته ينحني ...
و الجرح مهما صبر ، هيجيله يوم و يـِنـِز .