Thursday, August 19, 2010

حــُلــم حــديــقــة الــمــراجــيــح


و كأنه يفهمني تماماً ...

***

أنا في المكان الذي كنت أرتاد عليه مع أسرتي و أنا طفلة . حديقة المراجيح المجاورة لـ "تـكـا" - المنتزه ... التي لم يعد لها وجود الآن .

يجلس أبي و أمي في المطعم ، و نحن نلعب في الخارج حتى حضور الطعام . و أنا كنت قليلة القد ، و لم أتمكن أبداً من اللعب على المرجيحة المألَّفة من أقواس حديدة عالية ، يتم تسلُّقها حتى القمة ، ثم الانزلاق على الماسورة المائلة مثل رجال المطافي . تتمكن أختي الكبرى من ذلك مراراً . و تحاول و تشجِّعني ، لكنني لم أكن خائفة بقدر ما كنت مشكلتي تقنية ...

إلا ذلك اليوم ! تقدَّمتُ ... و تسلَّقتُ ، بصعوبة بالغة ، حتى القمة . و جاء الاختبار الأعظم ... الانزلاق . قفزتُ و أمسكتُ بالماسورة بقوة ، و لففتُ ساقيَّ على الماسورة بإحكام ... فلم أنزلق ... ظللتُ هكذا ... معلقة في الهواء بفعل قبضتي و ساقي .

"سيبي ... سيبي شوية" قلتُ ليدي

و استسلمت و ارتخت قليلاً ... فازلقتُ ببطء ...

شعرتُ بهذا الارتياح الذي يمكنك أن تشعر به و أنت تقود العجلة ... بعد سنين من عدم الاقتراب منها .

و لما نزلتُ للأرض ، نظرتُ للأعلى ، أصابني الدوار . و لما نظرتُ للأسفل وجدتُ يدي قد تلونت بلون صدأ الماسورة .


كان ذلك في الماضي ...
كان ذلك في الوقتُ الذي حققتُ فيه لنفسي نجاحات لازالت حتى الآن تعزز فخري ، و تدفعني للأمام أوقات خوفي ...

كان ذلك في عقلي ... و قد نسيته ...

تذكَّرته بالأمس ، و أنا نائمة أحلم . حلماًَ جميلاً . كفيلم أشاهدته من قبل و لا أتذكره بوضوح .

و كنتُ أنا أنا الماضية ألعب و أنتصر ... و أيضاً كنتُ أنا الحالية أشاهد و أتعلَّم ...

و في الحلم أتتني مكالمة و أنا ألعب ... أسمع الحوار في أذني ، دون أن أعلم تماماً بأي يد أمسك بالموبايل و انا معلقة على الماسورة و أنزلق ...

كان هو ... هو من أحلم به كل ليلة . كـــل لــيــلــة منذ أربعة ليالٍ ؛ مرة أراه و أشير له فيقترب ، و مرة يجلس معي أنا و أصدقائي و أقاربي ، و لا يتحدَّث لي ، فأمازحه فلا يستجيب ... و مرة أراه نحيلاً جداً ، و حليق الرأس تماماً فلا أتعرَّف على شكله إلا بعد ان أمر به و كأنني لا أعرفه ، فأستيقظ ، و يخطر ببالي أنه قد يكون مريضاً . فأطمئن عليه من خلال صديق مشترك ، فأعرف أنه بخير ، فيرتاح قلقي ...

ثم حلم المكالمة و المرجيحة هذا ...

يتكلَّم معي بالانجليزية ، و يبكي . يبكي بحرقة من فقد أحداً من أسرته . لكنني لم أسمع ما يقول تحديداً إلا بعد ان طلبتُ منه أن يكرر .
"إيه ؟ إيه ؟؟ قول تاني "
و بيني و بين نفسي أتساءل لماذا يحدثني بالإنجليزية ؟
لم أُعوِّده و لم يعوِّدنِ على هذا

***

قال ... و كأنه يفهمني تماماً :
"لو كنتِ عايزة فرصة تدخلي
The Amazing Race
الفرصة جاتلك "

و أُعجبتُ تماماً بفهمه لي ، و لأبجدياتي في الحوار مع نفسي ...

كلامه يعني أنني إن كنتُ لازلتُ أنتظر فرصة أخرى تعيدنا لما كان بيننا ، فالفرصة قد جاءت .

و كم أكره أن يفهمني شخص إلى هذا الحد !

و أكمـَل ... :
"صاحبتي عيانة و ماعييش فلوس أجيبلها دوا ..."

أسكت ...

"صاحبتي عيانة ، و ماعييش فلوس أجيبلها دوا "

كل هذا و أنا في الحديقة ألعب ، و توقف عقلي عن التفكير بالمرجيحة الآن ، كنتُ أعلم أنني لا أملك نقود حالياً ، و كنتُ أفكِّر : أين أجد أقرب ماكينة صرف يمكنني أن أذهب إليها؟ كم هو المبلغ المناسب لمثل هذا الدواء ، و لمثل هذه المحنة ، و لمثل هذا العزيز؟

كم ؟ أين ؟ متى ؟

و بعقلي ، أعلم جيداً أنني لا أحب أبداً دور الـ"ســَنــِّيـدة" التي تساعد من كانت تحب من أجل حبيبته الجديدة !
و بقلبي أعلم أنني قد أفعلها ، لو خيَّب عقلي ظنوني . و نام .

و كنتُ أسمع في صوته ، بعد أن توقـَّف عن البكاء ، نبرة من يعلم فرحة الفتاة التي يكلِّمها بعرضه السخي ... دور الفتاة التي وراء الستار ، على رف الخطة البديلة .

و انزعجتُ من سعادتي بعرضه ، رغم يقيني من أنني لن أكمله ... فقط سأساعده و سأتركه يمضي .

***
أما الآن ، فأنا مستيقظة ...

و أنا لا أفكِّر به ...

و أنا نائمة ، يخرج هو من صناديق عقلي و يظهر في خلفيات الأحداث .

"ليه؟ ليه دلوفتي؟"

إنه رمضان يا عزيزي ، أتذكر؟

أنا من تشتري الفوانيس في منتصف الشهر ، و تبدأ باشعالها بجوار الفوانيس القديمة . أتتذكر؟
و لن أفعلها هذا الشهر ... كانت هذه أشياؤنا الني نفعلها سوياً.

كما ترى ، أنا ذاكرتي جيدة ، رغم كل ما يمكن أن يُـقال عن نسياني . و ذاكرتي تتحرش بي من آن لآخر .

تذكَّر جيداً أنني لم أكن لألعب أية من ألاعيب الكر و الفر ... و هذا ما يتركني دوماً خائفة من أن أرسل لك التحيات ، أو الرسالات ...

لا أحب اللعب ، سوى في حديقة المراجيح ...

أما اللعب في العقول و الذكريات ...

لأ ...
***

الآن بعد ان ذكَّرتك ببعض الأشياء عني ... اخبرني و لا ترتبك ، كيف حالك ؟


7 comments:

Ahmed Fayez said...

حمداً لله على السلامة


فكرتيني بالإنجازات الصغيرة جداً اللي في وقتها كانت كبيرة جداً
و نعتقد إننا جبنا الديب من ديله

للذاكرة ألاعيب
الذاكرة تنتقي
و العقل الباطن قد يتآمر ضدنا في النوم فيخرج من المخابئ ما قد واريناه

كم أكره الأدوار المساعدة
لكن، المساعدة واجبة لمن نحب

تدوينة جيدة

t3ban said...

طعم الفراق حالة بنعشها و احنا مبسوطين
حتي و لو كانت حالة في صمت
عاملة زي طعم الشوكلاته اخر قطمة هي احزن قطمة هي أجمل قطمة
قطمة الاحساس
هي القطمة الي بنسيبها لحد متدووووب و احنا منتظرين في صمت بنفكر في حلاوة أول قطمة الي مركزناش فيها
فبتكون النتيجة لا بنستمتع بحلاوة أول قطمة و لا بنتدي اخر قطمة حقها
اختلسي من ذكرياتك ما يكفيكي
لان مفيش كارت اعادة شحن للذكريات فيكون حالك من حالي

واقع على راسه said...

لا أحب اللعب، سوى في حديقة المراجيح...

كما قالت سعاد ماسي :- كل واحد منا ف قلبه حكاية.

أما اللعب في العقول و الذكريات ... ... لأ

Old Blogger said...

بحب أجى هنا أوى :)

..

شعرتُ بهذا الارتياح الذي يمكنك أن تشعر به و أنت تقود العجلة ... بعد سنين من عدم الاقتراب منها

تذكَّر جيداً أنني لم أكن لألعب أية من ألاعيب الكر و الفر ... و هذا ما يتركني دوماً خائفة من أن أرسل لك التحيات ، أو الرسالات

و كم أكره أن يفهمني شخص إلى هذا الحد

..






إنه رمضان يا عزيزتى
كل سنة و انتى طيبه :)

Marionette said...

الله عليكي يا سارة

اقصوصه said...

رمضان كريم :)

mohamed ahmed said...

دائما تعطينا احلامنا لحظات حلوه ولكن لااظن انها تعطينا الادوار المساعده لانها احلامنا نحن