Wednesday, December 29, 2010

إعـادة الـنـَـظـَـر


إياك أن تهدي فتاة حذاءً كهدية
فقد ترتديه و تذهب .

هذا ما قرأته يوماً ، و أصدِّقه إلى حدٍ ما ...
و دون أن أشعر كنتُ أفعله .

إلى أن أتتني اليوم فرصة لإعادة النظر .

***
دائماً أرتدي حذاءً واحداً . على كل الملابس ، و في كل الأماكن . و أرى أن أحذيتي كشعر رأسي - غير مطالبة بالتغيُّر . و من ناحية أخرى ، و بدون سفسطة ... لا أحب أن أرهق نفسي بالحذاء كتفصيلة من تفاصيل الملابس . و أجد أن بثبات الحذاء أكون قد صنعتُ تفصيلة شخصية ربما . و بذلك يسقط الحذاء من تفكيري في ملابس كل يوم .
لذلك لا أشتري الأحذية لنفسي إلا نادراً . و يحدث ذلك لغرض عملي محض ؛ كأن يكون حذائي الذي أرتديه ظهرت عليه المشاوير المكوكية اليومية - شـِق في الجانب . تآكل في النعل . اهتراء في الرباط ...

***

اليوم صباح مختلف و بطيء . و كنتُ أسير من مكان عملي إلى مكان عملي الآخر . و مررتُ بمحل أحذية كنتُ أراه كل يوم و لا ألتفت إليه . رأيتُ حذاءً بنيِّا
ذو رقبة صوفية و فيونكة من الجانب بنفس اللون و الخامة . توقَّفت بعد الفاترينة بعدة خطوات و عدتُ لألقي نظرة عليه ... كأنني كنتُ أملكه من قبل .

دخلتُ المحل و رحتُ أتجول بين الأحذية و الحقائب ، و رائحة الجلد تملأ أنفي ( و أنا لا أحبها في الحقيقة) لكن الحذاء الذي خطف عيني كان مخملياً وسط كل هذه الأحذية الجلدية اللامعة . و ظللتُ أتجوَّل منتظرة أن ينتهي العامل بالمحل من الصلاة .

لما انتهى أشرت له على الحذاء ، فأخبرني بسعره . سألته إن كان يتعامل ببطاقات الفيزا ، أومأ بـ "لا" . أخبرته أنني سأذهب لأقرب ماكينة و أعود . نظر لحذائي و سألني عن مقاس قدمي . أجبتُ بأنني لا أعرف ، و رفعتُ قدمي للخلف و نظرتُ ، وجدتُ حذائي يقول 37 . ضمَّ الرجل شفتيه في أسف و قال أن هذا الحذاء متوفر منه مقاس 40 فقط . إلا إن أردتُ اللون الأسود منه . و كان ذلك مؤسفاً !

كان ذلك بحق مؤسفاً !

أنه في اليوم الذي أقرر أن أهدي فيه نفسي حذاءً ، يدير الحذاء ظهره لي و يذهب .


Saturday, December 25, 2010

روحـــي الــقــديــمــة


لستُ موهومة ...

لكنه أمر أبسط من أن أصدِّقه ...

لا أدري منذ متى بدأ الأمر ، لكن أشياءً بدأت تسقط من ذاكرتي . يذكرني الجميع بأشياءً كنت أقولها . أشياء كنت أفعلها . أشياءً كنت أصدِّقها و أتمناها . و حين بدأت في الحدوث ، كنت قد نسيتها تماماً .

لم أتذكر سوى بالتقليب في الموسيقى التي كنت أستمع لها منذ سنوات . أنواعاً مختلفة من الموسيقى موضوعة في قائمة واحدة . أتت إلى أذني و حملت معها روحي القديمة . روح لم تغادرنِ ، و لكن ما أراه جيداً هو أنها اختلفت . ملَّت من أن تملك الصدارة . فتوارت عمداً ، بلا أسف .

لستُ آسفة ...
أنا مندهشة !

من أن ما كانت تتمناه روحي القديمة هذه يتحقق الآن أمام عيني و كأنه شيء عادي . و روحي جالسة في المقعد الخلفي تشاهد بابتسامة هادئة . لا حماس . لا فخر . لا حسرة على سنوات الاجتهاد و الركض في كل الاتجاهات ... فقط تشاهد و تستمتع وحدها دون أن تنبهني .

لكنني تذكَّرتُ .

احساس أن حلم يقظة الأمس صار الآن حقيقة منطقية ، أشبه بالحياة في الأفلام .

أنا الآن أعيش في فيلم . فيلم مبهج .

لكنني أكثر سعادة بالتذكُّر عن سعادتي بالفيلم نفسه . و كأنني كنتُ أحب شخصاً منذ سنوات و انفصلنا بهدوء. لكنني لم أتوقَّف عن التفكير به . و قابلني فجأة و دعاني لشرب قدح كاكاو. و بابتسامة هادئة صرنا نتحدَّث ...

و صرنا هكذا ... نتقابل من حين لآخر لنتحدث و نبتسم في أوجه بعضنا . أسعد من أجله لأحلامه التي تحققت ، و يشكرني على أنني من قمت بتحقيقها .

صرتُ أليفة عما مضى ... كما يقول لي من يعرفونني جيداً . و سعيدة بذلك ، و لطالما تمنيته . و أنا مسترخية الآن و أنا أعيش حياة و كأنها أحد الأفلام التي تـُشعر من يشاهدها بالرضا و الخفة و هو جالس مكانه دون حركة .