أنا في المكان الذي كنت أرتاد عليه مع أسرتي و أنا طفلة . حديقة المراجيح المجاورة لـ "تـكـا" - المنتزه ... التي لم يعد لها وجود الآن .
يجلس أبي و أمي في المطعم ، و نحن نلعب في الخارج حتى حضور الطعام . و أنا كنت قليلة القد ، و لم أتمكن أبداً من اللعب على المرجيحة المألَّفة من أقواس حديدة عالية ، يتم تسلُّقها حتى القمة ، ثم الانزلاق على الماسورة المائلة مثل رجال المطافي . تتمكن أختي الكبرى من ذلك مراراً . و تحاول و تشجِّعني ، لكنني لم أكن خائفة بقدر ما كنت مشكلتي تقنية ...
إلا ذلك اليوم ! تقدَّمتُ ... و تسلَّقتُ ، بصعوبة بالغة ، حتى القمة . و جاء الاختبار الأعظم ... الانزلاق . قفزتُ و أمسكتُ بالماسورة بقوة ، و لففتُ ساقيَّ على الماسورة بإحكام ... فلم أنزلق ... ظللتُ هكذا ... معلقة في الهواء بفعل قبضتي و ساقي .
"سيبي ... سيبي شوية" قلتُ ليدي
و استسلمت و ارتخت قليلاً ... فازلقتُ ببطء ...
شعرتُ بهذا الارتياح الذي يمكنك أن تشعر به و أنت تقود العجلة ... بعد سنين من عدم الاقتراب منها .
و لما نزلتُ للأرض ، نظرتُ للأعلى ، أصابني الدوار . و لما نظرتُ للأسفل وجدتُ يدي قد تلونت بلون صدأ الماسورة .
كان ذلك في الماضي ...
كان ذلك في الوقتُ الذي حققتُ فيه لنفسي نجاحات لازالت حتى الآن تعزز فخري ، و تدفعني للأمام أوقات خوفي ...
كان ذلك في عقلي ... و قد نسيته ...
تذكَّرته بالأمس ، و أنا نائمة أحلم . حلماًَ جميلاً . كفيلم أشاهدته من قبل و لا أتذكره بوضوح .
و كنتُ أنا أنا الماضية ألعب و أنتصر ... و أيضاً كنتُ أنا الحالية أشاهد و أتعلَّم ...
و في الحلم أتتني مكالمة و أنا ألعب ... أسمع الحوار في أذني ، دون أن أعلم تماماً بأي يد أمسك بالموبايل و انا معلقة على الماسورة و أنزلق ...
كان هو ... هو من أحلم به كل ليلة . كـــل لــيــلــة منذ أربعة ليالٍ ؛ مرة أراه و أشير له فيقترب ، و مرة يجلس معي أنا و أصدقائي و أقاربي ، و لا يتحدَّث لي ، فأمازحه فلا يستجيب ... و مرة أراه نحيلاً جداً ، و حليق الرأس تماماً فلا أتعرَّف على شكله إلا بعد ان أمر به و كأنني لا أعرفه ، فأستيقظ ، و يخطر ببالي أنه قد يكون مريضاً . فأطمئن عليه من خلال صديق مشترك ، فأعرف أنه بخير ، فيرتاح قلقي ...
ثم حلم المكالمة و المرجيحة هذا ...
يتكلَّم معي بالانجليزية ، و يبكي . يبكي بحرقة من فقد أحداً من أسرته . لكنني لم أسمع ما يقول تحديداً إلا بعد ان طلبتُ منه أن يكرر .
"إيه ؟ إيه ؟؟ قول تاني "
و بيني و بين نفسي أتساءل لماذا يحدثني بالإنجليزية ؟
لم أُعوِّده و لم يعوِّدنِ على هذا
"لو كنتِ عايزة فرصة تدخلي
The Amazing Race
الفرصة جاتلك "
و أُعجبتُ تماماً بفهمه لي ، و لأبجدياتي في الحوار مع نفسي ...
كلامه يعني أنني إن كنتُ لازلتُ أنتظر فرصة أخرى تعيدنا لما كان بيننا ، فالفرصة قد جاءت .
و كم أكره أن يفهمني شخص إلى هذا الحد !
و أكمـَل ... :
"صاحبتي عيانة و ماعييش فلوس أجيبلها دوا ..."
أسكت ...
"صاحبتي عيانة ، و ماعييش فلوس أجيبلها دوا "
كل هذا و أنا في الحديقة ألعب ، و توقف عقلي عن التفكير بالمرجيحة الآن ، كنتُ أعلم أنني لا أملك نقود حالياً ، و كنتُ أفكِّر : أين أجد أقرب ماكينة صرف يمكنني أن أذهب إليها؟ كم هو المبلغ المناسب لمثل هذا الدواء ، و لمثل هذه المحنة ، و لمثل هذا العزيز؟
كم ؟ أين ؟ متى ؟
و بعقلي ، أعلم جيداً أنني لا أحب أبداً دور الـ"ســَنــِّيـدة" التي تساعد من كانت تحب من أجل حبيبته الجديدة !
و بقلبي أعلم أنني قد أفعلها ، لو خيَّب عقلي ظنوني . و نام .
و كنتُ أسمع في صوته ، بعد أن توقـَّف عن البكاء ، نبرة من يعلم فرحة الفتاة التي يكلِّمها بعرضه السخي ... دور الفتاة التي وراء الستار ، على رف الخطة البديلة .
و انزعجتُ من سعادتي بعرضه ، رغم يقيني من أنني لن أكمله ... فقط سأساعده و سأتركه يمضي .
و أنا لا أفكِّر به ...
و أنا نائمة ، يخرج هو من صناديق عقلي و يظهر في خلفيات الأحداث .
"ليه؟ ليه دلوفتي؟"
إنه رمضان يا عزيزي ، أتذكر؟
أنا من تشتري الفوانيس في منتصف الشهر ، و تبدأ باشعالها بجوار الفوانيس القديمة . أتتذكر؟
و لن أفعلها هذا الشهر ... كانت هذه أشياؤنا الني نفعلها سوياً.
كما ترى ، أنا ذاكرتي جيدة ، رغم كل ما يمكن أن يُـقال عن نسياني . و ذاكرتي تتحرش بي من آن لآخر .
تذكَّر جيداً أنني لم أكن لألعب أية من ألاعيب الكر و الفر ... و هذا ما يتركني دوماً خائفة من أن أرسل لك التحيات ، أو الرسالات ...
لا أحب اللعب ، سوى في حديقة المراجيح ...
أما اللعب في العقول و الذكريات ...
لأ ...
الآن بعد ان ذكَّرتك ببعض الأشياء عني ... اخبرني و لا ترتبك ، كيف حالك ؟
7 comments:
حمداً لله على السلامة
فكرتيني بالإنجازات الصغيرة جداً اللي في وقتها كانت كبيرة جداً
و نعتقد إننا جبنا الديب من ديله
للذاكرة ألاعيب
الذاكرة تنتقي
و العقل الباطن قد يتآمر ضدنا في النوم فيخرج من المخابئ ما قد واريناه
كم أكره الأدوار المساعدة
لكن، المساعدة واجبة لمن نحب
تدوينة جيدة
طعم الفراق حالة بنعشها و احنا مبسوطين
حتي و لو كانت حالة في صمت
عاملة زي طعم الشوكلاته اخر قطمة هي احزن قطمة هي أجمل قطمة
قطمة الاحساس
هي القطمة الي بنسيبها لحد متدووووب و احنا منتظرين في صمت بنفكر في حلاوة أول قطمة الي مركزناش فيها
فبتكون النتيجة لا بنستمتع بحلاوة أول قطمة و لا بنتدي اخر قطمة حقها
اختلسي من ذكرياتك ما يكفيكي
لان مفيش كارت اعادة شحن للذكريات فيكون حالك من حالي
لا أحب اللعب، سوى في حديقة المراجيح...
كما قالت سعاد ماسي :- كل واحد منا ف قلبه حكاية.
أما اللعب في العقول و الذكريات ... ... لأ
بحب أجى هنا أوى :)
..
شعرتُ بهذا الارتياح الذي يمكنك أن تشعر به و أنت تقود العجلة ... بعد سنين من عدم الاقتراب منها
تذكَّر جيداً أنني لم أكن لألعب أية من ألاعيب الكر و الفر ... و هذا ما يتركني دوماً خائفة من أن أرسل لك التحيات ، أو الرسالات
و كم أكره أن يفهمني شخص إلى هذا الحد
..
إنه رمضان يا عزيزتى
كل سنة و انتى طيبه :)
الله عليكي يا سارة
رمضان كريم :)
دائما تعطينا احلامنا لحظات حلوه ولكن لااظن انها تعطينا الادوار المساعده لانها احلامنا نحن
Post a Comment