يمكنني أن أرى الأشياء بوضوح الآن ..
ملقاة على وجهي ، أقرأ "شيكاغو" زائغة البصر .. و على وشك السقوط في الحب . خطأ ، على وشك السقوط في النوم ..
أرى جيداً الحافة الحادة البارزة من منضدة ما ، تسببت في كسر ظفري . أرى قطرة الماء الشاردة التي قفزت على منبت شعري و أفسدت القــُصـَّة . أرى محفظتي التي وضعتها في مكان خطأ في الحقيبة ، فأثنت طرف رواية "قصة حب أكتوبرية" . و أرى أيضاُ معصمي الأيمن الضعيف الذي التوى في الاتجاه الخطأ و أنا أرفع المرتبة لوضع الرواية تحتها ، لأعيدها لهيأتها الأولى . أو أقرب ما يكون منها .
لا أعترف بالإعياء حتى يظهر لعين غيري .. لذلك لا أتناول الأدوية ، إلا في حالة الضجر من هزيمة العذاب .
و ها أنا تحت تأثير التوبلكسيل ، أهلوس ..
رأسي الخفيفة ، لم تحتمل .
عيني مفتوحة ، و "شيكاغو" إيضاً .. و أسهب في تفاصيل الحروف ..
أنظر لحرف الراء .. و أتذكَّر وردتي التيوليب "هانم" دون سبب واضح . و أتذكر دمعاتي التي سقطت عليها دون وعي كامل مني ..
أرى حرف واو هنا و هناك .. ينتابني حنين للتلفاز فجأة .
أرفع ذراعي لأحمل قدح القهوة الذي أعددته على اعتقاد أن هذا الثقل في أطرافي ليس إلا رغبة في قيلولة طويلة . أجد الطريق طويلاً بيني و بين القدح .. فأتركه . يبرد ..
يهطل المطر فجأة .. فأفكر في أختي التي تقضي الليلة عند جدتي .. ثم أفكر فيك . و ابتسم لأنني أعلم أنك لن تنام في البرد بعد الآن . إن كنت تعلم ما أقصد .
أرى ألف .. ألف الحرقة ..
فأستسلم لها .. و أرى نفسي آكل البقلاوة في بيت في روايتي ..
ثم أزيح هذة الغفلة بعيداً .. و أتحسس أصابع يدي اليمنى ، و أتذكر يوم عودتي للاسكندرية المرة الماضية و أنا أقبض أصابعي حول الخاتم الواسع .. و كلما غفلت ، أوقظ نفسي ، لأتأكـَّد من سلامته .
و ابتسم في امتنان ، و أعيد القراءة في "شيكاغو " من جديد